طفل التوحد مختلف وليس متخلف
كتبت
الطالبتان: شروق أبو عيشة, سجود قادوس
كثيراً ما يتوارد لأسماعنا كلمة التوحد
والتي لا نلقي لها بالاً لربما لجهلنا عن معنى التوحد أو لفهم خاطئ لهذا المصطلح الطبي
الأكثر عمقاً مما يبدو عليه.
يواجه الطفل يامن النجار الذي يعاني من
طيف التوحد تحديات وصعوبات بالاندماج في المجتمع، وتسعى جسر الأمل سها النجار لتأسيس
حياة لطفلها ودعمه ليندمج بالمجتمع كباقي إقرانه وتعمل جاهدة على خلق واقعاً ليعتمد
فيه على نفسه
" تم تشخيص حالة يامن في الثالثة من
عمره بواسطة الدكتور أنور دوديين وبعد ذلك بدأت مرحلة العلاج والتأهيل" هكذا بدأت
السيدة سها النجار الحديث عن حالة طيف التوحد التي تصيب طفلها يامن العمودي البالغ
من العمر 10 سنوات من قرية بورين.
في البداية تم دمج يامن في المدرسة ولم
يكن ذلك الأمر سهلاً، واجهت عائلته مشاكل عدة بهذا الخصوص مع الوزارة والمعلمات والمديرة
ومع مرور الوقت أصبحت هذه المشاكل ضئيلة.
والمشكلة التي كانت تُبرز دائما هي عدم تقبل يامن
طالبا في المدرسة بِحُجة عدم القدرة على التعامل معه، وتفيد سها النجار بهذا الخصوص
"إذا لم تنظر المعلمات إلى يامن بأنه طفل مصاب بالتوحد فهو طالب كباقي الطلاب
ولكن ما يميزه عنهم بأنه يحتاج إلى المزيد
من الرعاية والاهتمام".
وتضيف " يمكن التعامل مع يامن بطريقة أسهل بكثير
من التعامل مع طفل عنيد مثلاً، ولكن بمجرد أن يامن لديه طيف التوحد يُولّد لهم فكرة
عدم القدرة على التعامل معه".
ومن هنا بدأت هذه المشاكل بالتفاقم، وتم
تقييم يامن من قِبل وزارة التربية والتعليم مرتين ولكن لم يكن هذا التقييم متكاملا حسب وصف النجار
له " للأسف لا يوجد بهذا البلد ما يسمى بالتقييم التكاملي"، وتستمر حديثها بأسى وحزن "لذلك أطفال التوحد يعانون
من الظلم بهذه الناحية، ولذلك أيضا المشاكل تتفاقم بالمدارس اللذين يلتحقون بها".
ومن ثم تم دمج يامن في مركز تأهيل في نابلس
لتأهيله من خلال جلسات تأهيل وظيفي ونطق واستمرت هذه الجلسات لفترة تحويله إلى مركز
الأميرة بسمة في القدس.
وتقول النجار: "استمرت جلسات التأهيل
ليامن في القدس لمدة أسبوعين ، وبدأت حالته بالتحسن في آخر أيام مكوثنا هناك".
وبعد عودتهم إلى نابلس استمر يامن بالعلاج
بالمركز الذي التحق به سابقا بالإضافة إلى العديد من الأدوية التي أوقفتها عائلة يامن
بعد ملاحظتهم بأن ضررها أكبر من فائدتها.
وتضيف النجار " لدى يامن (Hyperactivity) أي فرط بالحركة ولكن حالته يمكن استيعابها واحتوائها والسيطرة عليها، لذلك
لن يحتاج إلى أدوية أعصاب لتهدئته".
بدايةً كانت مرحلة تأهيل يامن في مركز فرح
ثم انتقل إلى مركز سند، و استمرت فترة علاجه في مركز سند لمدة خمس سنوات وتطورت حالته
بشكل ملحوظ إلى الجانب الإيجابي و عملية دمجه بالمدرسة بدأت تُثمر وتظهر فائدتها على
يامن.
وبعد ذلك اضطرت والدته إلى الانتقال في
علاجه لمركز آخر بسبب انتقال الأخصائيات المشرفات على حالته لذلك المركز وإتباعهن برنامج
علاجي له لا يمكن التوقف عنه.
وتشير النجار بأن يامن طفل غير ناطق ولكن عنده حالة تسمى عند
مصابين التوحد بتكرار الكلام أي أنه يعيد الكلام الذي يُنطق أمامه ولكن ليس لديه أسلوب
حوار، وحالياً يتم ممارسة أساليب علاج هذه المشكلة لديه وهناك تحسن ملحوظ.
وتؤكد بأن وجود يامن في المدرسة هو بهدف
دمجه مع المجتمع والطلاب وهو حالياً يركد في الصف الثالث الأساسي، ولديه مرافق ظل في
المدرسة وحصة يومياً مع مرشد المدرسة.
ونتيجة المشاكل التي واجهها يامن
والعديد من المصابين بطيف التوحد تم تكوين رابطة لأهالي أطفال التوحد من قبل أم
يامن (سها النجار) والعديد الأمهات التي لديها أطفال توحديين ومشاكل بهذا الخصوص, وبدأت هذه الرابطة تنمو وتكبر مع مرور الوقت.
وبدأت أعضاء هذه الرابطة تستمع إلى مشكلات وقصص كثيرة طرحت من قبل
أهالي أطفال التوحد, ويحاولن الوصول إلى المسؤولين وأصحاب القرار لتغيير النظرة
الدونية التي ينظرها الناس إلى أطفال التوحد كونهم فئة مهمشة في المجتمع.
وتقول النجار:" لا أحد ينظر نظرة جدية إلى أطفال التوحد بالرغم
من أنه إذا تم التعامل معهم بشكل الصحيح سيظهر منهم إبداعات كثيرة", وتكمل
حديثها " من المعروف بأن طفل التوحد طفل مبدع وإذا أبدع في ناحية معينة سيبدع
فعلا ويطقنها بشكل كبير جدا".
بدأت أعضاء الرابطة تطرق أبواب الخزان حتى يتم تسليط الضوء على هؤلاء
الأطفال والوصول إلى بعض حقوقهم الضائعة سواء بالتعليم أو الصحة.
وتفيد النجار بأن أطفال التوحد غير مصنفين بكونهم أطفال يندرجون تحت
الإعاقات أم لا, وذلك بقولها:" وصلنا أكثر من كتاب بأنهم يندرجون تحت
الإعاقات ولكن عندما نتوجه لإصدار تأمين صحي لطفل من أطفال التوحد نتلقى من الموظف
جملة بأن هؤلاء الأطفال ليس لهم علاقة بالإعاقة والتأمين لا يشملهم".
من وقت ليس ببعيد بدأت هذه
النظرة بالتحسن وبدأ هذا الموضوع يؤخذ بشكل جدي لأن أصوات أهالي هؤلاء الأطفال
بدأت تتعالى وتطالب بحقوق أطفال التوحد.
وتقارن أم يامن بين الاهتمام الذي يحظى به أطفال التوحد بالدول
الأميركية والاهتمام الذي لا يذكر ويحظى به أطفال التوحد في فلسطين وذلك من خلال
سماعها لتجارب أم مقيمة بأمريكا مع ابنها المصاب بالتوحد وهي أيضا زميلة لها
بالرابطة التي قمن بتأسيسها لرفع صوت المطالبة بحقوق أطفال التوحد.
وتقول:" هناك اختلاف كبير وواضح بين كم الاهتمام وهناك وكم عدم
الاهتمام واللامبالاة هنا", وتشير بأن يجب على الأهالي التمسك والوقوف مع
أطفالهم حتى يحظوا بتحسنهم وتطور حالاتهم إلى الأفضل.
وتذكر بأن من أهم أهداف الرابطة أيضا هو السعي لوجود مركز تدريب مهني
يستقبل وينمي مواهبهم ويقدم لهم كل سبل المساعدة لتحسين حالاتهم ليتم إيجاد مهن ثابتة لهم في المستقبل, وذلك
لوجود أطفال التوحد بعمر 14 و15 سنة يتسببون بحيرة لأهاليهم لعدم وجود شيء ينشغلون
به.
وفي نهاية حديثها تأمل أم يامن بأن تتغير نظرة المجتمع لهم ويكون هناك
قوانين تضمن حق هؤلاء الأطفال بالتعليم والصحة والدمج مع المجتمع وعدم تهميشهم
وضياع حقوقهم.
تعليقات
إرسال تعليق